الاثنين، 28 سبتمبر 2009

عملة وإطار


نحن بحاجة لعملة نتفق عليها في علاقاتنا ,وأعني بالعملة قواعد يلتزم كل منا بها ,توضح وتؤطر وتفصل ماهو مقبول وما هو غير مقبول ,هذه القواعد تكون كالعرف المتفق عليه لصياغة علاقة متكاملة متعادلة يستحقها كل طرف منا .هي خارطة طريق تنبهنا إن نحن تجاوزنا حدودنا .
الحدود الواضحة والخطوط الفاصلة من الأشياء التي تحفظ وتنمي علاقاتنا .رسم الحدود يحمي كلا الطرفين من تجاوز الطرف الآخ ويحميه من تدمير ذاته .تخيل معي أنك في مجال العمل مثلا إنسان دمث الخلق ,تعتمد في علاقاتك مع زملائك على مبدأالعطاء فقط ...وأنت متعاون فيه لأقصى درجة ,من هذا المنطلق تجد نفسك تتحمل أعباء إضافية فقط لتحقق لللآخرين الراحة ,ولأنهم عرفوك حق المعرفة ,أدركوا اسلوبك في الحياة تجدهم يطلبون منك المساعدة في إنجاز واجباتهم ,عندما تستجيب لهم ولطلباتهم الآخذة في الإزدياد ترى نفسك شيئا فشيئا تضحي براحتك لترعاهم ,فإن كنت تخضع لقواعد موروثة تفرض عليك ضغط معين مثل مساعدة الآخرين في كل الأحوال وبأقصى ما تستطيع والتضحية من أجلهم حتى وإن كانت هذه المساعدة تسبب لك ضغط إضافي ,وأن عدم مساعدة الآخرين يدل على سوء الخلق ,فالتصرف السليم أن تمشي عكس قواعدك ....لا تخشى شيء فلن يتأثر العالم بأسرة إن رفضت مساعدة تسبب لك ضغط أو تشغلك عن عملك أو حتى تأخذ من وقت راحتك ,إن كنت معتاد على عدم رفض أي طلب للمساعدة فإن الخطوة الأولى تكون صعبه إلا أنها غير مستحيله وتتطلب منك استجماع شجاعتك وترفض بنبرة هادئة وحازمة فالحزم لا يستلزم رفع الصوت أبدا .....كل ما هو غير مستحيل
فهو ممكن .
وعندما تتخلص من كل هذا الضغط ستدرك أن الأمر يستحق هذا الإجراء لأنه حقق لك نوع من الإستقلالية .
هناك مثل قديم يقول إن الجدار الجيد يخلق جيران جيدين .
إلتزامنا بحدودنا يحفظ لنا علاقاتنا المهمة ...فمثلا إن كنت على خلاف مع شخص ما وتطور هذا الخلاف إلى جدال وتجاوزت حدود اللياقة معه فمن الممكن أن تفوز في جدالك وتكون لك الكلمة الأخيرة والفاصلة ,تستطيع أن تنهي خلافك بحجة لن يستطيع أن يعترض عليها ....لكن ما حدث سيؤثر سلبا على علاقتك به مسقبلا وسيحدث شرخا يصعب ترميمه .
إنهاء العلاقات أمر سهل ,فإن قلت أن العلاقة لا تهمك فاليكن وهذا شأنك .لكن عموما نحن في علاقاتنا قد نختلف لكن علينا أن لا ننفعل لأننا عندما ننفعل نغلف عقولنا عن رؤية الحقيقة من جميع جوانبها ونتجاهل أي معلومة يقدمها الطرف الآخر والتي قد تنفعنا وتغير من موقفنا ,الإنفعال يطيح بالحواجز ويطيح بأشياء أخرى معه مثل التفهم ,التعاطف ,الذوق ,التهذيب وبكرامة الطرف الآخخر واعتزازه بنفسه ......هل حقا انتصارنا في خلافاتنا يستحق أن نخسر علاقاتنا ؟
قد يكون الطرف الآخر شقيق ,صديق ,زميل ,زوج .
وأحيانا عندما يرفع الطرف الآخر صوته لا تكون لديه نية سيئة بأن يسيء لك أو يثبت أنه على حق ,قد يكون بحاجة فقط لاهتمامك ,لاستماعك له ,لتفهمك ,لمساندتك ,هناك أناس هذه طريقتهم لطلب الإهتمام.....طريقتهم التي لا يعرفون غيرها ....اعذرهم ,استمع لهم دعهم يتحدثون عن ألمهم ,خوفهم ,غضبهم ,فرحهم ,إن التحدث عن المشاعر أمر صحي والإستماع باهتمام يمتص الغضب .
إنهم لا يبحثون عن الحلول ,لا يريدون منك أن تصلحهم أو تغيرهم أو حتى تقول شيء ,هم بحاجة لإنصاتك ,لجزء من وقتك ,إن مشاعر الآخرين تعبر عن ذاتهم الداخلية ...وشيء جميل أن تنصت لهذه المشاعر بتفهم .

ليست هناك تعليقات: