الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

ثقافة بائسة

كثير من الناس يتعاملون فيما بينهم بمقياس لبيع والشراء ...دعنا نقول تبادل ، أعطيتني أُعطيك ، نظرة تجارية لا بل أكثر حرص فالتجارة معرضة للربح والخسارة ...وتجارتهم تلك لا خسارة فيها فكل خطواتها مدروسة محسوبة ومحسومة نتائجها مقدماً .


كيف ؟
إن أعطاني هدية أعطيته هدية .
إن اتصل بي اتصلت به
إن حضر عزيمتي حضرت عزيمته
إن عزّاني ...عزيته
إن مكث في العزاء ثلاثة أيام ...أمكث في عزاءه بالمثل
إن شكرني على طبق أهديته له ...أشكره ، وإلا تجاهلته .
وقس على ذلك الكثير
إنها تجارة محسومة النتائج ومضمونة ، تجارة مع الخلق ...لكنها أبداً ليست تجارة مع الله ...وليست رابحة .

أيضاً  ، كيف ؟
لأنها لم تكن لوجه الله ولالنيل الأجر والثواب منه سبحانه وإنما لغاية دنيوية وفائدة قريبة ...من البشر
ولأن فائدتها دنيوية والنية تحصيلها الآن فقد انتقص فيها أجرنا ..ولا أقول لا أجر فيها لأنني لا أعلم ولن أفتري على الله سبحانه .

الأصل في أعمالنا ...كل الأعمال الصغيرة منها والكبيرة هو رضا الله سبحانه ..وهذا شرط مهم إن تكون خالصة لله ...ننظر ونرجو ونتأمل ونرغب ونطمح ونحن نؤديها أن يكون لدينا صدق وحسن العبودية لله .

مهم جداً وأكثر مما قد يتصور أحد أن يكون الحبل الذي بيننا وبين الله متين وفريد بحيث نعتقد وبصدق ويقين أن لاحبل معه ...لايوازيه ولايماثله ولا يجاوره حبل آخر ...أبداً ...لا أحد .

الأصل في دنيانا علاقة واحدة ...من أجلها نحسن للجميع ، الجميع  من أقرب الناس لنا إلي أبعدهم  وتنتهي إلى كل كبد رطبة ...بلا مقابل ...هي علاقتنا بالله .
بدأت منذ القديم ...كلا ليس يوم ولادتنا ...الأمر ليس كذلك ، وإنما يوم أن خلقنا الله كالذراري في صلب أبونا ادم وخاطبنا قائلاً سبحانه ( ألست بربكم ) ...وقلنا ( بلى) .
في ذاك الوقت بدأت علاقتنا بربنا وكل نفس تولد على الفطرة تعرف ربها ...لكن هناك من أضله أبواه أو مجتمعه أو أي طرف آخر ... فلم يهتدي للإسلام وهذا شأنه .

ولدنا وعشنا حياة لهدف وغاية .. هي رضا الله ... نتحرى رضاه في كل أعمالنا ...هي تجارة نعم لكنها تجارة مع الله ، نعمل فيُحسب لنا الأجر فنستبشر فنريد ويزيد الله سبحانه وتعالى وقد قال عنها ربنا أنه تجارة لن تبور ...لن تبور وضع تحتها عشرة خطوط   ...لا خسارة فيها وإن صور لنا عقلنا ونفسنا أننا خسرنا ، كلا لاخسران فيها ، لكن النفس ترغب في رؤية النتائج  ، عجولة وأشياء أخرى مثل الحرص وغيره كثير فتتهاون وتحجم وتتردد وذلك لضعف يقينها ..وإيمانها ...لكن مع الناس هي ترى نتائج  فتتفاوت ردود أفعالها فتحرص على كل ما يحقق لها فائدة  فورية تستطيع أن ترصدها .... وتتجاهل عكس ذلك .

وفاتها أمرأن  الله سبحانه وتعالى ليس كالخلق  ...فقد تحسن إليهم وتتعهدهم وتبذل روحك لأجلهم ...وهذه طبعا مبالغة لا أقصد الروح بالضبط ولكن تعمل الكثير من أجلهم ثم تمر أحداث أو تحدث مواقف ...صغيرة أو كبيرة فيتغيرون ويتبدلون ...وينكرونك ...وقد يمرون عليك كالغرباء إن لم ينسونك والتاريخ يحمل الكثير من القصص التي تؤيد ماقلته ... فإن حزنت فأنت تستحق ماحدث لك .

أتعرف لماذا ؟ وأنا هنا لست ضدك ولكني أُلفت النظر للذكرى ،  نعود للسؤال لماذا؟
لأن مافعلته ليس لله وإلا لما حزنت ....من يحسن للغير ونيته لله كأن يكون عبداً شكورا ، كأن يحسن للخلق وهو يفكر بأن الله يحب الإحسان لخلقه لن يحزن أبداً ....فقد تاجر مع الله وهو رابح في كل الأحوال .
قد يضيع المعروف مع الناس لكنه لا يضيع مع الله .
التجارة مع الخلق قد تكون خاسرة من أولها أو وسطها وأكبر خسارة عندما تخسر في نهاية الطريق ...لكن التجارة مع الله رابحة من بدايتها ...للنهاية .
 الناجح فينا من ابتعد عن تلك الثقافة البائسة التي تحمل بين طياتها النفاق والمجاملات العقيمة الباترة لجانب مهم ، جانب الإخلاص لله .

طوال حياتك عاملك الله سبحانه   بالحب بالجود والكرم حتى عندما تعصيه أو تعرض وتبخل  ...أفلا تتعلم منها شيئ ؟

سبحانك اللهم ماعبدناك حق عبادتك ،اللهم أقل العثرة واغفر الزلة ، اللهم أنر قلوبنا بنور من عندك وثبتنا على الطريق الذي ترتضيه
وأعنا على نتعامل بالطيب من القول والفعل .... وأن نحب مانفعل لأننا لم نُشرك فيه أحد سواك .


الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

الحلافة الكذابة

قالت محدثتي وسأطرح ماقالت باللهجة العامية : باأعطي عقلي راحة من باجر وماراح أفكر في رضا زيد ولاعبيد ... لأنهم صاروا متعبين وأنانيين .

باجر بجرب شي جديد ، بجرب إني أكون فظة معاهم (  الأبناء ) لامجاملة ولا حتي ابتسامة .
باجر بعيش الأنانية بكامل أناقتها ...وبشوف مُخرجاتها ، بقلدهم ، بتصرف مثلهم باجر بتقمص دورهم .
تجربة لمدة يوم وراح أكتب خطواتي بالتفصيل .
 ولما صار باجر نسيت لا أبدأ تجربتي أو أكتب خطواتي اليوم وتصرفت مثل ماكنت أتصرف في العادة  وقلت في نفسي : حسنًا سأبدا ...باجر ... وأيضاً نسيت   ... يالله مرت الأيام يوم ورا يوم  وتذكرت   سالفة الحلافة الكذابة ...الله يرحم الألوليين ماخلوا للتاليين شي .،، انتهى .

الحلافة الكذابة قصة قديمة من التراث الكويتي يمكن أكون ذكرتها في كتابات سابقة باختصار هي قصة شاب كان يتأخر في العودة للمنزل ليلاً وكان هذا الأمر يزعج والدته كثيراً ....وكثيراً ما نصحته ورجته في أن يعود باكراً لكنه لم يكن يهتم لماتقوله على أية حال وكانت آخر وسيلة لها هي تهديده بأنه إذا رجع في الغد متأخراً فإنه لن يجد عشاء وأقسمت على ذلك .

عاد الإبن في الغد متأخراً وكالعادة يكاد  يسقط من الجوع دخل البيت ووجد عشاءه محفوظ ، تعشى ونام ...وهكذا كان يفعل كل يوم  كان  يعود متأخراً وكان يجد عشاء ...كانت المسكينة  تقسم كل يوم ألا تطعمه لكنها تفعل ....إلى أن جاء يوم توفت فيه أُمه ، حزن علي فقدانها وكذلك والده لكن غالباً الأب لا يظل عازباً ، باختصار تزوج الوالد وكانت زوجته تقوم بواجباتها ، بعد فترة خرج الإبن مع أصحابه ...وتأخر في العودة وعندما عاد وجد زوجة أبيه في انتظاره  فتحت الباب ورمقته بنظرة ثم قالت : في الغد إن تأخرت لن تجد عشاء ، دخل الإبن وتناول العشاء ونام ....ظن أنها ستتصرف كوالدته فلم يهتم لما قالته .

في اليوم التالي عاد متأخراً وجائعاً ... دخل البيت يبحث عن عشاء لكنه لم يجد شيء ...قديماً لم يكن هناك ثلاجة أو اختيارات أخرى أو حتى فاكهة ...لم يكن هناك شيء من ذلك القبيل ....جلس على الأرض وصار يبكي ويقول : أين الحلافة الكذابة ...أين أمي التي تقسم في كل مرة ويرق قلبها لي .

هكذا هي الأم فرفقاً بالقلب الكبير .


 


الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

يوم العيد

يوم العيد كنا مجموعة أطفال محشورين في سيارة قاصدين مكان ما ، ربما زيارة لأحد الأقارب أنا حتى لاأذكر بالضبط أين هي وجهتنا  مررنا بقريبة لنا  لنصطحبها معنا وبينما كنا ننتظرها إذ خرجت من بيتها صديقة لها كانت تزورها في وقت مبكر من ذلك الصباح ...اتجهت لنا مباشرة لتلقي علينا التحية ...ولا أنسى أبداً تلك العينين ، كان البكاء قد أعمل بهما حتى أنه ألقى عليهما غطاء من الحزن ...ولأنها اكتحلت بكحل من النوع القديم لذا فقد خرج من عينيها وتكوم في الخارج وكأنه يرسم على تلك المنطقة خارطة بدت كالقديمة ، كنا في قمة السعادة لذلك صدمني مدى حزنها رغم أنها كانت تخفيه خلف ابتسامة حقيقية وحب حقيقي والأطفال هم أفضل من يتعرف علي الشعور الحقيقي من المزيف ....لكنها نسيت أن تمسح تلك الدموع ، وكنت أتساءل بيني وبين نفسي لم هي حزينة ...في العيد؟ أويحزن الناس في العيد؟  تبعتها عيناي إلى أن اختفت بين الدروب .

كبرت وعشت الكثير من التجارب واكتشفت أن الإنسان ممكن أن يحزن في العيد وغير العيد وأن التجارب قد تكون قاسية لدرجة أننا نقع تحت وطئتها ..تغلبنا ، تطرحنا لكنها لا تدوم وهذا من رحمة الله سبحانه إذ تحدث أشياء ويتواجد أشخاص يكونون كالدواء الذي يخفف آلآم الجروح وبمجرد أن يسكن الألم يتكون نور في القلب ، من صنع الله ورحمته يكبر شيئياً فشيئاً ليتحول الألم لتجربة استخرجت أفضل مافينا لنتعامل به معها وبقى أن كل ما استخدمناه من فضل الله ومنته وفقنا الله له برحمته  وربما لأننا وضعنا أساس مهم في نفوسنا ، في قلوبنا أن علاقتنا بالله قويه وعلى اتصال دائم به سبحانه ليست فقط في العبادات وإنما في المناجاة اليومية في كل عارض يحصل لنا في كل نعمة نحصل عليها في كل مايلفت نظرنا من مشاهد في كل نعمة ، في كل تحد ، في التقرب إليه ، في الدعاءوالإستعانه به سبحانه .

التجارب والتحديات ليس لها وظيفة سوى التعرض لنا سواء كانت بسيطة أو كبيرة  ونتفاوت في طريقة تلقيها أو التعامل معها ... وصّدق أن الإتصال بالله نور وقبس يلقى عليها لنتعرف على أجزاءها  فنتصرف بطريقة صحيحة بها الكثير من الحكمة والكثير من الإحتساب والصبر .