الخميس، 3 ديسمبر 2009

أبله كريمه


كنت غارقة في الكتابة ولم أنتبة إلى عقارب الساعة وهي تتسلل بخفة لتقارب الثانية عشر ليلا ,وفجأة ضبطتها وهي تسجل ذلك الرقم الذي أعتبره فوق الحد في السهر وقياسي , فأنا يومها لم آخذ قيلولة أولا لقصر الوقت لأننا في فصل الشتاء حيث يكون النهار قصير ,ثم لكثرة المشاغل ,المهم تركت كل ما لدي لأنام فسرعان ما تحين صلاة الفجر خاصة عندما أكون متعبة ولا أحب أن أصليها وأنا أشعر بالنعاس .
استغرقت في نوم عميق ومريح ,تنقلت فيه بين أماكن عدة ورأيت فيه أشخاص مقربون أحياء وأموات وشاهدت مشاهد عديدة تحمل معها معاني كثيرة ,مشاهد أجمل من أي فيلم شاهدته ,..........نبهتني أحلامي إلى بعض أخطائي في اليوم السابق ,ثم عدت للنوم مرة أخرى فلم يحين وقت الصلاة بعد, فجأة فتحت عيني وتذكرت يوم أن كنت طفلة في المرحلة الإبتدائية ,لم هذه الذكرى فجأة وبدون مقدمات .......تذكرت أبله كريمه ,أنا عادة لا أذكر أسماء مدرسات تلك المرحلة بالذات .
ماذا عن أبله كريمه ؟كنا في رحلة ميمونة إلى مكان ما ....حتى إني لا أذكر من هذا المكان شيء سوى بعض الحيوانات المحنطة .......ويبدو أن مزاج أبلة كريمة كان سيء للغاية مع أن ذلك المزاج لم يظهر على وجهها أبدا فقد كانت تتصنع ابتسامة دائمة .......كل شيء كان جيد وجميل ونحن في قمة السعادة فقد فارقنا ذلك المبنى المسمى مدرسة والفصل الذي لا نستطيع أن نبدي فيه رأي أو نتكلم فيه بأي نوع من الأحاديث الجانبية .......أي أحاديث جانبية ؟فنحن بالكاد نتنفس .
أسهب مضيفنا في شرحه عن الحيوانات والطيور ولفت نظرنا إلى معلومة ربما أزعجت أبله كريمة ,فقد قال (إن الله قد خلق الذكر أجمل من الأنثى انظروا إلى الديك والدجاجة إنه الأجمل لاحظوا الذيل والعرف ,لاحظوا الطاووس ,الأسد أيضا أجمل من أنثاه فرأسه مزين وكأنه يحمل تاج ملك الغابة واللبوءة شكلها غير جميل ....تكلم عن هذه النقطة بطريقة فتحت أعيننا على شيء فعلا لم نلحظة فكنا في قمة السعادة والتشويق ,أضف لذلك خروجنا من صرح المدرسة فكنا في عالم آخر .......لقد تبادلنا فيه فقط الإبتسامة وبعض الهمسات ......لكن كل ذلك كان في قوانين أبله كريمة ممنوع ,ربما ما ساعد على تصعيد الموقف بنظرها كون مضيفنا قد استفزها وإلا ما تصرفت بوحشية تليق فعلا بها ,فقد كانت طويلة وعريضة بحيث كان يبدو مضيفنا معها كالعصفور ,هذا العصفور قد أثار غضبها فكيف تخرج تلك الطاقة الجبارة داخلها ؟.......كانت واقفة بجانت مضيفنا وفجأة تسللت كالحيوان الذي يريد أن يقتنص شيء (عفوا على كلمة حيوان )لكن فعلا تذكرت القطة كيف تتسلل عندما تريد أن تصطاد أو تهجم .
كان الوضع مريح وجميل ونحن في سعادة لا توصف وفجأة هوت أبلة كريمه بكفها الضخم على وجهي ....تخيل أن يأتيك كف من مكان مجهول فلم تلاحظ إنسان يقترب منك ........قلبت موازين كل شيء بتصرفها الغير مهذب ,فجأة لم تعد الرحلة جميلة ولا اليوم ممتع ولم أفكر بأي شيء ,قد أذهلتني الصدمة وأحرجني سلوكها ,عدنا من رحلتنا الميمونة وتبقت حصة من يومنا الدراسي .....وتخيل أي حصة ممكن أن تكون .....إنها حصة علوم ....حصة أبله كريمة لم يعد أمر العلوم ممتع ولم أرغب في مناقشة ما شاهدناه في رحلتنا .......فقد كان ما تعلمته منها أكبر من أي درس يدخل ضمن إمكانياتها أو قدراتها .
قد عبرت أبله كريمة عن نفسها ,أدركت الآن أنها لم تحرجني فقد أحرجت نفسها كمدرسة ومربية , وربما ردت على تعليق مضيفنا بطريقتها .
ما الغرض من العقاب ؟هل هو القمع ؟إن كانت هناك أخطاء ولدينا مجموعة من الإختيارات كحلول لها فلم قد نختار العنف ؟هل لأنه أسهل ؟
المعلم إنسان يعبر عن نفسه وطريقة التربية التي تلقاها عندما كان صغير ,المعلم الأمين منذ الأزل يعلم ويربي بإخلاص لأنه يدرك تماما أنها أمانة ,ويبقى التعليم من أشرف المهن وأكثرها ثمرة ,........بغض النظر عن مجموعة لا تستحق أن تتقلد هذه الأمانة .

ليست هناك تعليقات: