الأحد، 7 فبراير 2010

أما آن لنا أن نعود ؟


إذا لم نحقق شيئ له قيمة لدينا ,أو كانت حياتنا عادية لا نرى فيها ما يجعلها على الأقل ممتعة ومرضية ,عندما نجلس آخر النهار ونستعرض ما مضى منها ونشعر أننا ما حققنا الكثير ...مرت السنين ونحن نعمل نفس الشيئ ,وكل ما أنجزناه عادي ,نتخيل أن ما حدث يشبه أن يعمل الموظف البسيط طوال الشهر ليستلم راتبه في آخر ذلك الشهر وبالكاد يكفيه إلى الراتب القادم ,حتى أنه عندما يستلم الراتب الجديد يتساءل فيم ذهب ذلك المال ....في أشياء عادية يومية استنزفته ,لا هو ادخر منه ولا اشترى شيئ له قيمة حقيقية ....وهكذا العمر تظل أيامه تنساب من بين أيدينا لنصل في النهاية إلى سؤال محدد فيما أفنيناه ؟

الفرق الوحيد بين المثالين أن لا أحد يستطيع أن يسألنا عن راتبنا فيما أنفقناه , أما العمر فإن الله سائلنا فيما أبلينا شبابنا وأين أنفقنا أموالنا وماذا فعلنا بصحتنا ,وما فعلنا في علمنا ,السعيد فينا من ينتبه لهذه النقطة المهمة ,قد أودعنا الله أمانه وهو سائلنا عنها غدا ونحن نعلم ذلك وتظل تأخذنا أشياء يومية وأعمال قد يكون بعضها تافه ونستطيع أن نستغني عنه لكننا لا نفعل ذلك .....وكثيرا ما ننسى ودون قصد أننا استلمنا أمانات وأجلنا الإلتزام بها الإلتزام الحقيقي لفترة......وتطول هذه الفترة لنفاجأ بأن موعد الرحيل قد أزف ولم يعد هناك وقت للوفاء بها ....الأمر ثانية.... يشبه أن يؤجل الطالب دراسة مادة معينة إلى ليلة الإمتحان ,ليرى وقتها وبوضوح صعوبة الموقف فالمادة لن تستوعبها ليلة واحدة فيأسف على تضييع وقته ...لم تكن صعبة وكان يستطيع أن يحصل على نتيجة أفضل إن هو اهتم بدراستها عندما كان الوقت في صفه .

كثير من الناس يسيرون في طريق لا يحمل معالم وباختيارهم ....وهذا الشيئ المحزن في الأمر ,فنحن نعرف أننا ما خلقنا عبث ,ومع ذلك تظل تأخذنا المشاغل اليومية ألى مكان بعيد عن هدفنا الأسمى .....وينتهي العمر ومشاغلنا لم تنتهي ولن تنتهي لندرك أنها ماكانت إلا ملهيات عن شيئ مهم .....سمعت عبارة لا يحضرني مصدرها ولكن الشيئ بالشيئ يذكر (في يوم ما ,ذهب رجل مع ابنه إلى المقبرة وقال له :أترى كل هذه القبور ؟إن كل أصحابها لديهم مشاغل وأعمال كثيرة ما أنجزوها ) ,البعض يتقدم به العمر ويظل يؤجل ,البعض تكون فترة المرض فرصة له ليعيد ترتيب حياته المبعثرة ,البعض يموت فجأة دون حتى أن تكون لديه فرصة ليقول كلمة ,مع إدراكنا لكل ذلك إلا أننا لا نتخذ الإجراء الضروري والفوري ,قد نقول نسيان يومي ,عدم اهتمام ,عدم أخذ الأمر بجدية ,القليل من التأجيل لن يضر ,هناك من يقول أن والدي مات في السبعين وأنا مازلت صغير ولدي فرصة كافية لتأجيل وضعي لهدف يقربني من الله ....لكنه لا ولن يضمن أن يمتد به العمر مثل والده أو قد يعيش أكثر من والده لكنه يظل يسوف لكثرة مستجداته .

كل يوم جديد من حياتنا علينا أن نعتبره هدية وفرصة ودعوة متجددة لإستغلاله بما يرفع رصيدنا عند الله سبحانه وتعالى ,كل يوم فرصة ودعوة لإصلاح ما أفسدنا أو ضيعتا ,لم يفت الأوان على إعادة اكتشاف معالم طريقنا والسير به بخطى ثابتة في الإتجاه الصحيح , عندما نضع مثلا هدف سهل كأن تكون كل أعمالنا بنية التقرب من الله وتكون خالصة له فإننا سنلاحظ أن يومنا أصبح غني بالشعور الإيجابي والرضا ,فنحن نحتسب ذلك العمل عند الله وإن كان شيء بسيط ,هذه النظرة لأعمالنا تجعلنا نكتشف أي خطأ نقوم به وتنبهنا لنصلح مسارنا وبنفس الوقت نستزيد من عمل الخير , يكفي أن تعرف عظمة خالقك وشدة حبه لك أنك إن ضللت الطريق سنين طويلة, فإن لحظة رجوعك له تبدل كل ذلك السيئ إلى جيد ,أما آن لنا أن نعود ؟أما آن لنا أن نضع أهداف تسمو بروحنا ونلتزم بها إلتزام حقيقي ؟...أما آن لنا أن نعود ؟

ليست هناك تعليقات: