الخميس، 18 مارس 2010

نظام العلاقات


أحيانا تتعدد علاقاتنا لا لأننا نتمتع بروح إجتماعية وإنما لأننا نعاني من مشكلة ما, نحظى بعلاقات لا تميل إلى الدوام والإستمرار ,نكتسب الكثير من الصداقات ونفقد الكثير ,غالبا نختلف معهم ثم يمضون في طريقهم ونمضي في طريقنا .....يعرفون أين يذهبون ولا نعرف أننا السبب في رحيلهم ,ويحدث أننا عندما نكتسب صداقة نتوقع فقدها لكثرة ما مررنا بتجارب مماثلة ,الأمر يبدو وكأن نبوءة تتحقق ...قد نميل بعد ذلك لأن نكون سلبيين في علاقاتنا خوفا من انتهائها فنوافق على كل شيئ يناسبنا ولا يناسبنا فقط لنمدد فترة استمرارها ولكنها لا تستمر , فنجد أننا نفقدها كما فقدنا غيرها فنمر بأسوأ حالاتنا فقد قفزت علاقتنا من النافذة ,ما الذي حدث؟ عندما نمعن التفكير ,عندما ينير الله عقولنا ,عندما نتأنى ونبطئ سرعة إنشغالنا بأشياء نراها مهمة في حين أنها أقل أهمية ,عندما نكف عن إغماض أعيننا عن عيوبنا ,عندما نعترف بأننا على خطأ فإن هذا الإعتراف يحمل معه حل لتحدياتنا و نبني على أساسه علاقة تبقى ما بقينا .



قد يعاني البعض مثلا من الميل إلى النزاع وجرح الطرف الآخر .....الناس لا يرغبون بمن يحط من قدرهم أو يحرجهم أمام الآخرين ,لا أحد يرغب بأن يكون مادة للضحك والإستهزاءأو حتى تكذيب أحاديثهم والمعارضة فقط لمجرد المعارضة ,أو أن يتحول إلى درجة سلم يصعد عليه الآخرون ليستعرضوا كم المعلومات التي يحملونها ,هناك أناس ميزانهم غريب ...غالبا يكون غير عادل ,ما يقولونه هو الصواب وما يقوله الغير بحاجة لإثبات ,ما لديهم هو الأفضل وما لدى الغير هو بالطبع دون ذلك بلا مناقشة ,,مجالسهم ومكالماتهم لا تخلو من المناقشات العاصفة يرتفع فيها الصوت فقط لتغطية الصوت الآخر ,أحيانا تنشأ المناقشات ربما للهروب من موقف مؤلم أو للخروج من علاقة يشعر الإنسان داخليا أنها منتهية فينهيها قبل يبادر الطرف الآخر بهذا الإجراء ,أحيانا تكون الحقيقة كبيرة لدرجة أننا لا نقبلها ,إن مسئولية ما يحدث لنا تقع علينا وعلينا الإعتراف بذلك , في البداية يتوجب علينا أخذ خطوات متواضعة لتحسين ذاتنا وبدلا من أن نحرج الآخرين علينا أن نكون أكثر تعقلا ,علينا أن نكون على طبيعتنا ولا نتصنع لنعجب الآخرين ,إن أردنا أن يقبلنا الآخرون علينا أولا أن نقبل أنفسنا ,نحسن التصرف ,نكون أكثر هدوء ..نبتعد عن الجدل والمناقشات التي لا تقدم ولا تؤخر وظيفتها فقط إضعاف العلاقات ,السماحة والإهتمام بالآخرين مصدر يجدد الطاقة ويضفي على العلاقات بريق مميز يشعرنا براحة كبيرة مع النفس ,علاقاتنا مهمة لكن أهم علاقة في الوجود بعد علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى هي علاقتنا مع أنفسنا ,كيف نراها وكيف نتعامل معها ؟كيف نجدد تلك العلاقة ؟كيف نعالج أخطائنا ونراقب ذاتنا ؟كيف نجعلها ذات مميزة بعيدة عن صغائر الأمور وتوافهها ...إن نظرنا إلى كل خلاف على أنه من صغائر الأموروأن من السهل حله وتجاوزه وبدئنا فعلا بحله عمليا ولم نعطه من الوقت فوق ما يستحقه فقد وفرنا الكثير من الجهد والطاقة لأشياء أكثر أهمية في حياتنا .

إن أردنا أن نعيش الحياة التي نطمح لها ونحظى بعلاقات جيدة علينا أن نغير من أنفسنا وطريقة إتصالنا نكون في قمة العدل عندما نحكم على مواقفنا التي لم تعجبنا نتائجها ,وحتما سيلاحظ الطرف الآخر تغيرنا للأحسن ليصبح كل منا أكثر ملائمة ,إن إحداث التغيير والحصول على نتائج مختلفة لا يتطلب جهد جبار إنه يحتاج لدعاء في جوف الليل أن يبصرنا الله بأخطائنا ويعيننا على إصلاحها يحتاج لصدق مع النفس يحتاج لمطلب واضح والعزم على الحصول عليه نحن نحتاج لخطوة متواضعةبعد ذلك لينفتح معها عالم جديد .

نطلب العدل لأنفسنا ولا نقدمه للآخرين؟ ...نطالب بأن يعاملونا بطريقة أكثر لطفا ونحن نتصرف معهم بفظاظة ؟ ربما لم نلاحظها أو لاحظناها لكننا نعتقد خطأ أنها شيئ طبيعي ومن حقنا ,ثم نتساءل ...لم تغير الآخرون ؟(هذا أول مفتاح )أن نكون عادلين مع الغير وكما قال رسولنا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام :(أحب لغيرك ما تحبه لنفسك),و(المفتاح الثاني) علينا أن نتحرر من الماضي والذي يشكل ضغط علينا ويجعلنا نتصرف مع الآخرين من ذلك المفهوم الذي حملناه إما عنهم أو عن أناس يحملون نفس صفاتهم أو تصرفاتهم ,علينا أن نتعرف عليه ونصفح عنه ونطلقه ,ألا نرغب بأن يصفح الله عنا؟ ...فإن لم نصفح فسيعيش ذلك الماضي معنا ويتحكم في ردود أفعالنا ويجعلنا نرى الحقيقة بصورة مشوهة ويدمر علاقاتنا .....جرب الصفح , جرب الإعتراف بالخطأ وستجد من الأمر العجب ,لن تصدق النتيجة التي ستحصل عليها.

هل يجب أن يتغير الآخرون حتى نقبلهم ؟....لا يجب أن يتغير الآخرون حتى نقبلهم ,لم هذا الشرط التعسفي ؟نحن وفي حالتنا هذه لن يقبلنا الآخرون ,لكن وعندما نتقدم خطوة سيحدث لنا تغيير وسيظهر علينا,وسيلاحظونه وسيناسبهم (طريقة نظراتنا لهم ,طريقة كلامنا معهم ,لغة جسدنا )عندها سيتغيرون وسنلاحظ نحن ذلك وسيتولد شعور جديد تأتي به رياح التغيير للطرفين شعور مختلف يحول قضية الرفض المبدئي إلى قبول تام ....هذه فائدة أن نغير من أنفسنا ولا فائدة ترجي من انتظار أن يتغيروا هم أولا ,هذا هو نظام العلاقات وكيف تسير ...كيف تنجح وتزدهر وتستمر ولتبقى معنا إلى ما شاء الله سبحانه وتعالى .

ليست هناك تعليقات: