الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

أمان ....٢١


ذهب أمان لموعد له مع طبيبه بخطى متثاقله فهو لا يحب تلك الزيارات بالذات ربما لأن بها الكثير من التحاليل والنتائج التي تضيق الصدر ولأنها تتطلب منه الكثير من الوقت الذي يقضيه في الإنتظار ، وهو .... سبحان الله لا يحب الإنتظار فهو يسبب له نوع من القلق ... مع ذلك هي أشياء لابد منها ، دخل واستخرج ملفه فإذا به يأخذ رقم ثلاثة ، حسناً يبدو الأمر من أوله سهل (الحمد لله) وسرعان ماخرج المريض تلو الآخر ودخل أمان فإذا بطبيبه يبادره : كيف حالك أمان ... ماهي أخبارك ؟
رد أمان الحمد لله .
هل تشتكي من شيء أمان ؟ قال الطبيب ؟
أمان : قليل من الألم .
الطبيب :أين ؟
أمان : هنا .
الطبيب : لا بأس عليك ... تدري أمان ، هذا مكان الجرح ويأخذ وقت حتى يلتئم .
أمان :حسناً ... لا شيء غير ذلك ... ثم استدرك : قارب الدواء على النفاد .
الطبيب : حسناً سأكتب لك الدواء اللآزم ....ثم تنفس بعمق وقال : الآن أُريد بعض التحاليل .
أمان : إن شاء الله .
ذهب أمان للمختبر وُسحب منه الدم ثم انتظر النتائج ، وبينما هو يتأمل كعادته إذ بصوت جهوري يصرخ ( بورتر.)... فإذا بعامل يأتي مُسرعاً وبنفس الوقت مُبتسم ... ثم أضاف صاحب الصوت الجهوري ( صور البطاقة ) التفت أمان لصاحب ذلك الصوت وفكر أن لابد يكون صاحب الصوت ضخماً وهيئته كصوته لكن عندما نظر له اكتشف سر ابتسامة العامل ..... لقد كانت امرأة .... يالله موقف في قمة الطرافة حول ذلك الموعد لمتعة وتسلية فصاحبة ذلك الصوت عادت للصراخ من جديد .... (جعفر ) فرد جعفر بصوت مُتوسل لايخلو من خفة الظل ، وكان مصري الجنسية ( ليه ؟ ...والله ماعملت حاجه ) .
قالت : أنا عارفه إنك ماعملتش حاجه ... تعال .
جاء جعفر وهو يردد بابتسامه ظاهره على وجهه وبهدوء أكثر ( والله .... ماعملت حاجه ) .
سألته : ماخلص شيء ؟
جعفر : لسه شويه ... وجعفر هذا هو فني في المُختبر ومن نادته هي الكاتبة المسئولة عن النتائج .
وبينما أمان يشاهد تلك الظاهرة العجيبة والصوت النادر إذ برجل يشق طريقه وسط المُراجعين مُتجه نحو التلفاز .... فقد كان يعرض مسلسل به فقرة راقصة ولم تسمح له غيرته علي دينه أن يترك الناس تشاهد كل ذلك الهُراء ... خاصة أن صالة الإنتظار بها رجال ونساء ... وبينماهو يحاول العثور على زر الإغلاق إذ بسيدة لم يُعجبها تصرفه فقالت له : دعه ... نحن نغلقه .
وكأنه لم يسمع ما قالته ... تركها وشغل نفسه بما عزم عليه إلي أن أغلق الجهاز ثم تابع سيره ليجلس في مكانه .... ويري إن كان هناك معترض .
فإذا بمن كانت تملك ذلك الصوت الجهوري والتي كانت تماماً كالرجل ... بل أصلب وأقوي تتحول لقطة أليفة ولم تتلفظ بأ ي حرف ... وبعد برهة ربما ظنت أنه ذهب .... لكنه لم يفعل ، قالت لمراجعة واقفة بصوت هادئ ( افتحيه )
فردت عليها المُراجعة : لا دعيه ... هو جالس هناك أمامك .
التزمت الكاتبة الصمت وماهي إلا لحظات حتي ظهرت نتيجة ذلك المُراجع ... أخذها وغادر .
وعندما تأكدت الكاتبة من ذهابه ... سبحان الله رجع لها صوتها الجهوري وعادت من جديد تزأر ...( راجو) ....افتح التلفاز .
ومرة أُخرى عادت تصرخ : جعفر .
جعفر : نعم .
الكاتبة : وين صني ، ،صني هو من يسحب الدم .
جعفر : والله ما اعرف ، مابيقوليش .
وبلحظة ظهر صني فناولته ورقة ، أخذها وهو يبتسم وقال : حاضر .
بينما كان أمان يُسجل بعض ملاحظاته في كراسته إذ بمراجعة تنتشله من وسط كلماته (بعطسة )... إن الأمر بدا وكأنها تفتح علبة بيبسي بعدما أشبعتها هزاً .
أغلق كراسته وأدخل قلمه في جيبه وقرر أن يكون واعياً حتي لا يُفاجأ بشيء آخر .
فإذا برجل كبير في السن يجلس بجانبه ويحادثه بصوت هادئ وبعد الأسئلة الإعتيادية قال الرجل : جئت مع زوجتي المريضة والتي رغم مرضها لا أسمع لها حتي أنين .
أمان : الله يشافيها ويخليها لك .
نظر الرجل لأمان وقال : من كثرة تعبها أحياناً كثيرة لا تعي ما أقول لها ... لكني لن أكف عن التواصل معها .
أمان : أنت إنسان وفي والطيبون للطيبات .
الرجل : اتصدق لو أقول لك إن البيت مو حلو بدونها .
ابتسم أمان من قلبه وقال: أكيد هي رفيقة دربك .
الرجل : وأكثر ، هي دربي كله .
أمان : أنت أحسن شيء يمكن أن يحصل عليه إنسان ، يصبح العالم حقيقي عندما تحصل امرأة علي رجل مثلك ... وهذه ليست مُجاملة .
الرجل : تتعجب من وفائي ؟
أمان : نعم والله ، وكيف لا أعجب ؟ ...الوفاء صار شيء نادر في وقتنا الحالي .
الرجل : لا تتعجب يا أخي ... فهي الأطيب والأحسن ولو إنها مكاني لفعلت مثلي وأكثر .

قطعت الكاتبة حوارهما ونادت (أمان) ... استأذن أمان من الرجل .
شعر أمان بالأمل .. بنور يتوهج داخله وطاقة من الحب ترفرف حوله ... كم هناك أُناس طيبون تشعر معهم بالإرتياح ... ملاقاتهم تمنحك حياة جديدة لأنها تُجدد روحك .



هناك تعليقان (2):

شمس النهار يقول...

اعجبني وفاء الرجل لزوجته
وضحكت علي سكوت المراة المتوحشة عندما وجدت من يشكمها
:))

الحياة الطيبة يقول...

شمس النهار الأوفياء في دنيانا مصابيح من نور ، فطرتهم ظلت سليمة كما خلقها الله .
الدين وأهله شمس النهار لهم هيبة وعندما يكون الإنسان صادق مع الله ويفعل شيء لله فإنه يُؤيده ويسدده ... سعيدة بمرورك وإضافتك المميزة ، دمت بود غاليتي .