الأحد، 11 سبتمبر 2011

أمان....٢٠


جلس أمان صامت وهو ينظر إلي تركي الذي بدوره وضع رأسه بين كفيه .... تأمل أمان تركي وذهب بفكره بعيداً ، هناك في الماضي ... لما كان تركي فتي وسيم ... صحيح أنه مازال يحمل تلك الصفة لكنها وسامة ممزوجة بنوع من الشقاء ، يالله كم يكتم من الألم ..صحيح أنه صبور وهادئ لكنه أيضاً لايسمح للماضي أن يصير ماضي ، حاد الطبع بعض الشيء ، مايخزنه في رأسه يضع عليه عنوان (غير قابل للنسيان ) .... يحتاج أن يأخذ من الوقت الكثير حتى يتسامح ، قد يمتد ذلك الوقت سنين ليصفو معك ، صحيح أنه لايذكرك بإساء تك لكنه سيحتفظ بمسافة بينك وبينه . تشعر معها أنك مع شخص مختلف قليلاً عمن عرفته .
لاتستطيع أن تصفه بالقسوة لأنها صفة لايحملها لكنه كدس وخزن كميات كبيرة . من الشعور بالظلم بحيث جعلت من سعة البال والتفكير بحكمة وروية يحتاجان منه لوقت وتركيز وهو لا يملك الكثير من الوقت أو صفاء الذهن ومن هنا ينطلق غضبه . .....ليته ينطق بما يعتمل في صدره ، لكان بحال أفضل .... ليس منا من لم يتألم من مواقف الحياة التي تجعلنا نقف عندها لكننا سرعان ما نستعمل مرونتنا لنتابع سيرنا ... الحقيقة أننا نحتاج لأن نكون متسامحين مع النفس ومع الآخرين ، الصفح قوة وليس ضعف ولم يكون يوماً ضعفاً يسمو بالروح ويخفف من حملها ... ومن يقول أنه اسلوب الضعفاء فهو الضعيف بمستوى القيم التي يحملها .
تركي إنسان جيد ولديه من الأخلاق الراقية الكثير والإنسان قد يكون مجموعة من المُتناقضات .
حدة طبع تركي ربما تكون ناشئة من كتمانه لكم كبير من الغضب والذي عندما يخرج في المواقف التي لاتحتاج لأن يخرج فيها وهذا مايحدث معه فإنه يدمر أشياء جميلة في علاقاته فألفاظه تحمل من القسوة الشيئ الكثير ومن لايعرفه يظن أنه سيء ، ومن يعرفه يدرك أنه لا يعني ماقاله بالحرف وأنه يمر بحالة من التنفيس عن غضب مكبوت وجروح قديمة ....في حقيقته هو دمث لأبعد الحدود ، نقي وصادق وصفات أخرى ربما لم يدركها أمان .
رفع تركي رأسه وقال : أمان وسكت .... لم يتكلم أمان ولم يسأله (ماذا ) لأنه يدرك أن في استعجاله للسؤال مقاطعة لتركي وهذا شيء لا يحبه ولا يقبله وربما يزيد حالته المزاجية سوء ، انتظر قليلاً ثم أخيراً تكلم تركي وقال : أن تكون وحيد خير من أن تكون بصحبة من يعزلك عن رؤية الجمال الذي يملأ عالمك .
ماتقوله صحيح ... رد أمان .
أمان : أتدري لماذا؟
لم يتكلم تركي ولكنه نظر لأمان نظرة بها الكثير من التساؤلات ... تابع أمان : لأن ذلك الشخص يكون أشبه بقضبان سجن ... مايحدث أنه يشعر بالسوء حيال نفسه ولن يرضيه سوى أن تشاركه هذا الشعور عندها يلبس ثوب الطيبة ويُخفف من أحزانك التي صنعها هو لك ، فإن شعرت أنك أفضل حال من ذي قبل ورغبت في التحرر سينزع عنه ذلك الثوب ويريك كم أنت ساذج .... السؤال : هل هانت عليك نفسك لتقبع في سجنه ؟
تركي: فإن كان يا أمان من أقرب الناس لك ؟
أمان : إذن عليك أن تعرف كيف تتعامل معه ولا تنتظر إلي أن تصل بك الأمور إلى حالة من التأزيم والضيق .... وما أراه أمامي .
نظر تركي لأمان وقال : أشعر بأنني قليل الحيلة .
أمان : ولم ذاك ؟
لأن ماأريده بعيد المنال .
أمان : بعيد المنال ....وليس غير قابل للتحقيق ... والبعيد أن تقربنا منه كل يوم حتى ولو بخطوة وصلنا له ... أليس كذلك ؟
نعم هو ذلك ... إذن اسمع تركي ......إن كان الطريق إلى هدفك مليء بالشوك ، إن كان درب من الشوك ....هل تقطعه ؟
تري : نعم أفعل ذلك .
أمان : جيد .. والآن ، هل تدرك تركي أن ممكن لسؤال واحد تردده على نفسك أن يحررك من وضع خطأ .... لأنك في كل مرة تطرحه يكسر قضيب من قضبان سجنك ... الإختياري .
لحظة الإدراك ياتركي تسجل نقطة النهاية لوضع مغلوط ...ونحن نسير به كالمنومين مغناطيسياً .
ثم نظر لعيني تركي وقال : الباقي تعرفه .
ابتسم تركي وقال : نعم يبدو الأمر سهلاً ،....ثم أكمل : لم تقل لي كيف هي أحوالك ؟
قهقه أمان وقال : هكذا أُريدك ... في المرة القادمة أريدك أن تسألني هذا السؤال عند أول قدومك ... لا في الآخر .... الآن ينطبق عليك المثل ( بعد ما تقهوى سلم ) .
تركي : ماذا أفعل كنت بحاجة لتلك القهوة التي فتحت نفسي للحديث .
نظر أمان بود لصاحبه وقال : أنا تحت أمرك .
تركي : عشت ياأخي .... وأراك في الغد ، لأن لدي ما أناقشه معك .
أمان : أتطلع لتلك الزيارة .


هناك 4 تعليقات:

well يقول...

(غير قابل للنسيان ) نحن لا ننسى إلا عندما نضيف شئ جديد
المرونة والصفح صفات مميزة
الفضفضة بتريح الواحد افضل من الكتمان
امان بطل القصة ويستحق البطولة المطلقة لانه يستطيع ان يقرأ الناس
تحياتى

الحياة الطيبة يقول...

فعلاً Well
كلامك صحيح ، عندما نضيف شيء جديد يسهل علينا النسيان
المرونة ممكن أن نتعلمها إلي أن نتقنها فهي مهارة كغيرها والصفح سعادة بحد ذاته
الفضفضة تريح لكن ليس لأي كان ... الكتمان إن لم يصاحبه صفح فهو مرض ، أهم شيء أن نتحلي بالتسامح عندها لن نحتاج حتى إلى فضفضة .
شكراً Well علي المرور والمشاركة نورت المدونة ، تحياتي.

Unknown يقول...

جميلة كالعادة معاني مذكرات امان
و لكن بعض الاشخاص يفتقد لهذه المرونة و ليس عيبا بل لانه لا يتوقع الاخطاء الجسيمة التي يقابلها من اناس لم يتوقع منهم ذلك او اعطاهم اكثر مما يستحقوواا

سلمت اناملك اختي و دمت بصحة و خير و عافية :))

الحياة الطيبة يقول...

كل منا أحمد افتقد المرونة يوماً ما والتجارب تُعلم .
شكراً أحمد Zema على المرور والكلمات الجميلة والمشاركة ، دمت بخير ، تحياتي .