الجمعة، 23 أبريل 2010

نحن بحاجة لتحديث الصور


عندما نحب ذاتنا بالدرجة الكافية فإننا نختار نمط الأصدقاء المناسبين لها والسلوك الذي يليق بها ونوع الزوج/الزوجة الذي يناسبها ونوع العمل و الشعور الذي يرتقي بها.

عندما تتولد لدينا مشاعر سلبية كبيرة نشعر معها بالحزن الشديد أو الإرباك فإن تلك المشاعر السلبية تحمل معها رسالة مهمة وهي أن أفكارنا قد تكون أصبحت خارج سيطرتنا وأن أغلبها يميل نحو السلبية .

للأفكار السلبية سطوة كبيرة يخال الإنسان نفسه معها وكأنه لا يستطيع أن يتخلص منها أويبتعد عنها وطوال فترة اعتقاده هذا فإنه لن يتخلص منها إلا إذا حدث و تيقن أنه يستطيع , إن الشك بالنفس هو في الحقيقة خيانة لها .

المشاعر السلبية تجعلنا في حالة إستنزاف وإرهاق وضرب للصحة , وسواء أكانت تلك المشاعر موجهة للنفس أو للغير فإن نتائجها ترتد للنفس وتحدث ما تحدث من أضرار قد تكون مستقبلا غير قابلة للإصلاح .

إن تقدير الذات ينبع من الصور التي نكونها عن ذاتنا , وليس ما يقدمه الآخرون لنا من اهتمام ,من ينظر للآخرين من هذه الزاوية فإن أي تقصير منهم قد يجعله ينسب لهم السبب في شعوره المتدني لذاته وشعوره بقلة القيمة فيما يكون هو السبب في ذلك .....لم يرى نفسه بصورة جيدة , صورة الذات الإيجابية تمكننا من التغلب على كل المشاعر السلبية التي يستدعيها الفشل ,هل تقع مسئولية جلب الثقة لنا أو السعادة أو ارتفاع تقدير الذات على الناس ,المجتمع ,الآخرين ؟إن كانت الإجابة بنعم فما هو دورنا وأين هي اختياراتنا ؟


أي ردة فعل للآخرين نعتقد في أنها تضعف من تقديرنا لذاتنا لم تكن كذلك ما لم يكن لدينا حكم مسبق على الشخص أو اعتقاد مسبق عن النفس .....أحيانا يسمع البعض تعليق إيجابي لكنه يحرفه إلى سلبي في عقله كأن يفكر أن الشخص الآخر يسخر منه أو يحتقره والحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك ...قد يكون لا يريد الحقيقة أو يريد شيئ يتفق مع ما في عقله من أفكار مغلوطة غير صحيحة ,قد يرغب في أن يصعد موقف ما ,أو يريد أن يصنع موقف سلبي من لا شيئ ,أيا كان هدفة فإن منشأ كل ذلك اغلاق العقل عن أي شيئ جديد والرغبة في السير في طريق قديم وحياتنا مجموعة من الإختيارات ,لكن الأكيد أن لاختياراتنا نتائج نحن من يجنيها .


القدرة على اختيار الأفكار يعد قوة وقوة حقيقية وإن لم يعجبنا الواقع فبإمكاننا أن نتحرر منه ونصنع صور نغير فيها ذلك العالم ونصيغ منه عالم آخر وفق ما نريد صور ذات لون وصوت ومعنى .......بل وروح ,وهذا ليس ضرب من الخيال فقد سبق وذكرنا قصة ابن تيمية وهوفي الحبس عندما قال (ما يصنع أعدائي بي أنا جنتي في قلبي وقلبي بيد ربي ,سجني خلوة ونفيي سياحة ) عندما تكون صورة الجنة واضحة داخل قلوبنا ,عندما نؤمن بيقين أن قلوبنا بيد ربنا لا نحمل هموم الدنيا أو نقف كثيرا عند تحدياتها ,إن كان مكان الرضا في القلب فلم لا نرضى وقلوبنا بيد محب ,هذه صور عجيبة تمنح و تجلب كل مصادر القوة والأمان التي ممكن أن يستعين بها إنسان تحفزه وتسانده وتساعده في أحلك ظروفه ,عندما يتذكر الإنسان الثواب ويشعر به ويتصوره في الدنيا قبل الآخرة تتغير ردة فعله ويرتفع تقديره لذاته ,صورة السجن وكأنه خلوة تعطيه معنى آخر يختلف كليا عن الواقع المحدود فعندما يخلو الإنسان بنفسه يحقق أشياء لم يكن ليحققها عندما ينشغل مع الآخرين ,(نفيي سياحة) تبدل النظرة للتغريب والبعد عن الوطن والأهل إلى السياحة والإطلاع على مناطق جديدة وتغيير للأماكن لتتغير النفس وتسعد كما يحدث للمسافر .


قوة الخيال وصناعة الصور هي هبة ونعمة من الله سبحانه وتعالى لنغير الواقع الغير مريح إلى آخر أكثر من مريح , إن غيرنا الصور تتغير نوعية حياتنا وبدلا من أن نشاهد كل يوم صور مكررة لواقع رتيب لنا أن نغير مجموعة الصور بشكل مدروس وفق ما نريد أن نركز عليه وما نريد أن نوجه به حياتنا نحو هدف ما لنرتقي ليس بأنفسنا فقط بل بكل الأشياء من حولنا وشتان ما بين أن ترى أمامك صورة واضحة مشرقة وصورة أخرى باهتة رمادية ,تصورنا للحياة التي نريدها يتكون من مجموعة صور كثيرا ما تلهينا عنها أشياء صغيرة في حياتنا وكأن وظيفتها أن تلهينا عنها ,وكل ما نحتاجه هو الوعي والتركيز عليها كل يوم لتتحول لواقع ,كل صورة نكونها باختيارنا يكون لها تأثير أكبر على واقعنا ربما لأنها تكونت برغبتنا وإرادتنا والقوة المحفزة فيها ذاتية ,ما نقدمه لأنفسنا من صور مدروسة سيعمل عقلنا على تحقيقها لأنه يراها كل يوم وسيجذب لنا الأشياء والأشخاص والظروف التي تجعل من تلك الصور والتصور لما نريد واقع وحقيقة نعيشها , الفكرة هي قوة إيمان واستغلال متكامل لشيئ منحنا الله إياه وصدق التوكل على الله والثقة بأنه سبحانه وتعالى سيعيننا .

كيف نتوصل للطاقات التي نملكها والقدرات التي حبانا الله بها ما لم نجربها ؟


قليلون منا يدركون مدى ما يتمتعون به من مواهب خفية وغير مجربة ,تتجسد وتتجلى هذه الإمكانات عندما نؤمن بوجودها ونتقدم خطوة نحوها وهذا لا يتطلب سوى استبدال الشك بالنفس بالثقة واليقين بقوتها, نستبدل الجمود بالحركة الدؤوب, نستبدل حالة عدم الرضا بالرضا, نستبدل فكرة كوننا نملك أحلام صغيرة وعلى قياسنا إلى كوننا نملك أحلام أكبر بكثير من أن تكون قابلة للقياس, أحلام خارج نطاق الحدود التي نعرفها ...... تحديث الصورفي حياتنا هو تحديث لنوعية حياتنا ,وضع صور جديدة لما نرغب في أن نحققه يعرف وقتنا تعريف آخر باعتباره من أكبر ممتلكاتنا قيمة .

ليست هناك تعليقات: