الأحد، 8 مايو 2011

حدث من أحداث حياتي





كانت حولي دائرة كبيرة من المحبين ....ولم أكن أراهم لأنني كنت مشغولة بحالتي الصحية المتدنية والآخذة في الإنحدار فقد كان الشعور بالإرهاق ملازماً لي ....فكرة أنني أعاني من مشاكل في القلب كانت بعيدة






عموماً أشكر الله على هذه الدائرة الثمينة التي أظهرت نفسها بوضوح واحتوتني وحولت محنتي إلى منحة.



عندما تمرض لك أن ترضى أو لا ترضى ,لك أن تصبر أو لا تصبر لكنك بالرضا والصبر ستكون بحال أفضل ....لك وللآخرين ممن يلازمونك ويهمهم أمرك ,لك أن تسعدهم أو تشقيهم ।







نحتاج لفهم كبير ,نحتاج لصبر وعلم نواجه به الخطوب والملمات والمحن نحتاج للإيمان فإن لم نتسلح بقدر كبير منه فما الذي قد ينفعنا ؟وما الذي قد يفيدنا؟ الشفاء كالبحر عندما تأتي أمواجه بصورة جزئية قد لا نلاحظ مدى تقدمها لهدوئها وأحياناً لبطئها لكن ذلك لا ينفي حقيقة أنها قادمة .......فيُغمر الجسد بالعافية ।




في يوم ما شعرت بشيئ من الإعياء وما هي إلا لحظات حتى أضاء الوجود بضوء من نوع لم تألفه نفسي ...ليس تألق ....لا إن الأمر يبدو وكأن الألوان سُلبت من المكان وصار كل شيئ يميل لللون الأبيض ।






سبحان الله تثاقلت الخطوات وبدأ الجسد ينهار وكأنه يعتذر عن الطاعة وتنفيذ حتى الأوامر الصغيرة ويعبر بأسف عن عجز ....هو يوشك أن يوقع استقالته ,ورأيتني أنظر للطرف الآخر من الحياة وأتوجه ببصري وبقلبي للجانب المحتمل مع تلك التي بدت كنهاية ।




استسلمت لما هو آت ورضيت به ونطقت الشهادتين عندما لاحظت أن جوارحي بدأت تنعزل عن الحاضر وسبحان من يغير الأحوال بين لحظة وأخرى ।


كل ما شعرت به كان أعراض أزمة قلبية ....تسارعت أحداث حياتي بعدها ومرت أيامي ...كل يوم فيها لا يشبه ما قبله ,أجريت القسطرة وكنت آمل أن يكتشف الأطباء شيئ بسيط ....هكذا تجري الأمور وهكذا قيل لي ,لكن الأحداث جرت كما أرادها الله وهو الأفضل لي فهو سبحانه يعلم ولا نعلم نرغب في أبسط الحلول وأيسرها ويبقى أن الله يدبر لنا ما يناسبنا .





أثناء خضوعي للقسطرة وبعد أن انتهى الطبيب منها ,وضع حقيقة صادمة بعض الشيئ فقال :شرايينك فاتن مغلقة كلها بفروعها وأمامك حلان إما أن نضع دعامات كثيرة ...وهذا حل يرغب به الكثير من الناس وأما الحل الآخر فهو تبديل الشرايين ....هو حل لا يُرغب به عموماً لصعوبته ....لكنه الأفضل



أجبت بسرعة خاطفة فالتُبدل الشرايين



رد الطبيب :الأمر يبدو وكأنك قد بعت الدنيا ।



لم أُعلق على جملته فالأمر أكبر من أن أمزح بشأنه لكنني دوماً أحب الحلول العملية ।



استدرك طبيبي وقال:هو اختيار موفق।



استعنت بالله وتوكلت عليه ...هي مشيئة الله ,تذكرت وقتها ماكنت أردده (اللهم أحبه إليك أحبه إلي )।




مرت الأيام وبها قليل من الثقل فالطبيب الذي سيجري العملية مشغول قليلاًوالعملية ضرورية بالسرعة الممكنة ...والحقيقة أنني فكرت ربما لن يسعفني الوقت لكن لطف الله صاحبني في كل خطواتي التالية فقد دخل طبيب آخر وقال لي :فاتن لقد قرر الطبيب أن العملية يوم الأربعاء , ثم تابع ...بالتوفيق ।





في كل مرة يدخل فيها غرفتي طبيب أو ممرضة كنت أرسم ابتسامة ...لست أدري لم ؟...ربما لأبُعد عني التوتر حتى صارت سجية لدي ,حتى أنهم صاروا يبادروني بها كلما وقعت عيناهم علي ।




جاء يوم الثلاثاء وأُجريت لي بعض التجهيزات للعملية .....وجاء المقربين لمؤازرتي وتشجيعي ورفع روحي المعنوية ,تصرف بعضهم وكأن شيئ لن يحدث والبعض الآخر كان حزين لدرجة أنه بدا وكأنه ينعى إلي نفسي فصرت أرفه عنه لأُنسيه حزنه .....الحمد لله أنني لم أتأثر بذلك الكم من الحزن




ولما بزغ فجر الأربعاء جاء الإخوة والأخوات والأبناء وصاحبوني لما قبل غرفة العمليات وكنت قد تناولت قرص لمساعدتي على الاسترخاء فصرت أُلاحظ الأضواء التي تتوالى وصوت أُختي التي حرصت أن تؤازني بكلمات تذكرني بها أن الكل معي وأن ما يحدث سيكون ذكرى وأنني سأخرج بإذن الله سالمة .......ثم سمعت صوت يقول لمُرافقي :غير مسموح بالدخول أكثر ,انتظروا هنا




كان من المقرر أن أدخل في السابعة صباحاً وأخرج في الواحدة ظهراً لكن أحياناً تجري الأمور بطريقة لم يتوقعها الإنسان ,خرج الطبيب في الرابعة عصراً وقال : حاولت استخراج عدة شرايين لكنها كانت صغيرة ومُتكلسة لكن الحمد لله وجدنا ما ينفع ونجحت العملية وستخرج بعد أن تُغلق الجروح




أفقت في العناية المركزة ,اكتشفت أنني فقدت جزء كبير من صوتي وجسدي يئن من الجروح ,وكأن سيارة صدمتني للتو والساعة .... كان أصعب شيئ هو شرب الماء فكلما شربته أكاد أختنق به ....ياالله كم هي نعمة أن نتمتع بشرب الماء ,ونخالها شيئ بسيط وهي من أكبر النعم




وجاءت صعوبة ثانية وتحدي جديد ومن نوع آخر وهو استخراج المُخدر من الجسم من خلال الكحة , لنفتح الرئة...نسيت مع وضعي الجديد كيف تكون الكحة وعندما يقول الطبيب (عليك أن تكحي ولا تخافي ) لا أعرف كيف أكح ,لست الوحيدة فقد سمعت غيري من المرضىى يقوم بما أقوم به من هُراء .....وضع محزن مضحك في نفس الوقت ,لقد كنا نصدر أصوات كالخراف وعندما أسمع الآخرين يصدرون هذا الصوت أتذكر نفسي ,سبحان الله هناك أمور كثيرة متشابهة بين البشر ,كان وضع طريف ....اعتبرته طريف .




الأمر المُحزن في وضعي الجديد أن الطبيب قرر أن أُغادر المستشفى بعد اسبوع من إجرائي للعملية خوفاً من إصابتي بالعدوى من المستشفى ....أنا أُدرك أن الطبيب يعرف الأصلح لي لكن تساءلت بيني وبين نفسي (كيف أخرج وأنا في هذا الوضع المُزري ؟....كيف أتعامل مع جروحي ؟) كنت في وضع لا أُحسد عليه ,لكن الأيام أثبتت لي وعلمتني ألا أقلق على شيئ فالله سبحانة ضمن لي أمر الجروح وبعث لي من قام بواجبه على أكمل وجه ।।




في اليوم الثاني والعشرون من إجرائي للعملية كانت لي مراجعة مع طبيبي والذي عندما شاهدني مع بناتي قال مازحاً: أين المريضة ؟



فقلت ببراءة :أنا المريضة ।



ضرب بيده على الخشب وقال بلهجة مشجعة :ماشاء الله



اطلع بعدها على صور الأشعة ثم قال: أريد أن أرى الجروح .....وكانت مدبسة وكنت قلقة بشأن إزالة كل تلك الدبابيس وراغبة بالتخلص منها ,فقلت له راجية بصوتي الذي لا يكاد يبين :متى ستخرجون الدبابيس من الجروح ؟



قال: الآن



فقلت :دعهم يضعون لي المُخدر ।



قال بطريقته المعهودة :من كثرتهم علينا أن نجعلك تنامين يومين حتى نستخرجهم ,ثم أردف لا عليك ,لا تهتمي سأعمل اللآزم ।



استخراج تلك الدبابيس أخذ من الممرضة ساعة ونصف وقد أعانني الله على تحمل بعض الآلآم ......قلت في نفسي أخيراً تحررت من الحديد ....شكرت الممرضة على مجهودها وروحها الطيبة ।




الحمد لله الذي غمرني بلطفه في كل لحظة صعبة مررت بها وشكراً لكل من آزرني ودعمني وسأل عني...شكراً لمن سجل كلمة في المدونة يوم أن كانت للكلمة وزن في نفسي .

هناك 19 تعليقًا:

Romia Fahed يقول...

فاتن ...أحبكِ

Romia Fahed يقول...

كان ما سبق أول ما نطقه لساني بعد قراءة البوست . فـ اعذري اندفاعي..

أستاذتي الرائعة فاتن ..

وأنتِ تكتبين تجربتكِ تذكرتً تجربتي بل
وخجلتُ منها ، مررتً بما مررتٍ به وكأنّه
قد كتبَ لي جزءًا من وجعكِ كـ رهبة العملية
والساعة التي تسبقها مرورًا بالحرمان
من شرب الماء قرابة أسبوع إلى انتزاع
الدبابيس القليلة، ومع ذلك كنتِ الأقوى
والأروع(تبارك الرحمن) وخصوصا اختياركِ تبديل الشرايين ، يحق لمن حولكِ الفخر بكِ
لـ شجاعة قلبكِ حفظه الله من كل شر وأدام عليكِ نعمة الصحة.

كل الحب لـ شخصكِ أستاذتي .

دمتِ امن تحبي

الحياة الطيبة يقول...

الله يغليك ويعزك ويحبك روميه,كلماتك وهبتني أجنحة وأستطيع بهذه الكلمات أن أعيش العمر سعيدة...لوهلة شعرت أنني أقطن السحاب ,شكراً من القلب ,تحياتي غاليتي .

خدمات البحث العلمي يقول...

الحمدلله على سلامتك

وماشاء الله عليك وعلى قوة ايمانك

الحياة الطيبة يقول...

الله يسلمك مبدعة ...الله يذكرك ويبارك فيك ,تحياتي غاليتي.

خاتون يقول...

السلام عليكم..

عسى الله يهنيج بالصحة والعافية
ويبارك لج في بدنج إلى ان تلقينه

وعساها رفع درجات.. شكلج طلعتي بدروس
وقصص ومعاني عميقة بعمق ما مررت به

وعسى الله يعوضج بأيام أحلى وفرحة تنسيج كل اللي مريتي فيه يارب
موفقة ^_^

ibnalsor يقول...

المرض عادة يأتي على صهوة حصان لكنه عند العودة .. يعود ماشيا .. وعلينا ان نحسب المسافة جيدا لنعرف ان النقاهة قد تطول .. لكنها تحمل بوادر الصحة ..

مررت بتجربة قاسية .. لكنها كانت تحمل من جانبها الاخر اضاءة .. حيث عرفتِ بها أهمية شرب الماء وهذا يكفي عن شرح بقية غيره

القلب يتعب لكنه لا يتوقف الا بأمر الله سبحانه ل.. ان في توقفه موت .. وكثير من العلميات التي اجريت للقلب كانت قدرة الله سبحانه تتجلى امام اعين الاطباء وهم يشاهدون عجائب صنعه وبدائع خلقه

نحمدالله سبحانه وتعالى على سلامتج .. ونحمده ثانية انه علم الانسان مالم يعلم .. ونحمده ثالثة انه اعاد لنا قلمج الرائع الذي اسأله سبحانه ان يبقيه طيبا مباركا

طهور ان شاء الله

الحياة الطيبة يقول...

خاتون وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ’شكراً للدعوات الطيبات ,أما عن الدروس والقصص التي طلعت بها فهي كثيرة ,سبحان الله نتعلم لآخر يوم في حياتنا وكل قصة ودرس يأتي في وقته بالضبط ....ممتنه ياخاتون لزيارتك ومشاركتك ,وتسلمين يالغالية .

الحياة الطيبة يقول...

فعلاً ابن السور يجب أن نتحلى بالصبر ونقدر أن الشفاء قد يأخذ وقت ليس بالقصير .
أعظم الدروس تأتي بطريقة موجعة لكنها عادةتكون الأثبت فلا تُنسى.

سبحان الله الذي أتقن وأبدع كل شيئ خلقه وأكثر ما يدرك هذه الحقيقة العلماء لذا كما قلت يقف الأطباء مأخوذين وهم يرون هذا الإبداع .
الله يسلمك والحمد لله في كل لحظة من لحظات حياتنا,لأن في كل لحظة منها تتجلى قدرة الله سبحانه .

ابن السور أنا فعلاً عاجزة عن الشكر , .تحياتي

BookMark يقول...

الحمدلله على سلامتج أستاذتنا العزيزة،،
فوجئت وذهلت من الذي قرأت!
توقفت الكلمات ولم أستطع أكثر من أن أحمد ربي على سلامتك
والله تعالى إذا أحب عبدًا ابتلاه،
جعلك الله ممن يحب ويصطفي، ورفع درجتك ومنزلتك عنده وتباهى بك عند ملئه..

وألف الحمدلله على السلامة مرة ثانية..

الحياة الطيبة يقول...

مشكوره Book Mark
على هالشعور الطيب ,الحمدلله الله قدر ولطف ....الله يسلمك ويحفظك ويرفع قدرك ,تحياتي غاليتي.

Unknown يقول...

حمدا لله على سلاماتك يا اختي الطيبة
و فعلا كنت اتسائل عنك لما اثرته في موضوعك السابق و عدم تواجدك الفترة الماضية
و لكن كما سردت في حديثك العفوي هذا ان ما عندنا ينفذ و ما عند الله هو الباقي
فان رحمته بنا هي الباقية و هي الاقدر بحمايتنا و بماساعدتنا في كل محنة تدركنا

اتأسف لتأخر الرد لظروف عملي
و لكن سعدت جدا بتواجدك ثانية و بشافئك الذي ادامه الله عليك و متعك بصحتك و بنعمه

دمت بخير و صحة و عافية اختي :)

الحياة الطيبة يقول...

الله يسلمك أحمد Zema ...لا عليك ,عذرك معك وشكراً على المرور وماسطرته من كلمات داعمه ,تحياتي.

نون النساء يقول...

لا شعوريا إنتقل الألم لي ..

أهم شي انك كنت أقوى من المرض
والله يلبسك لباس العافية ان شاء الله دوم

الحياة الطيبة يقول...

نون النساء ,عذراً لم أقصد أن أنقل الألم لك ولكنها الكلمات وتأثيرها ...شكراً على المرور وصدق الشعور ,تحياتي.

زينب علي حبيب يقول...

اسفة جداً لم أعلم بالأمر إلّا اليوم ...

اسفة جداً لأنني لم أستطع مؤازرتك في محنتك ...

ولكنني حقاً سعيدة بسلامتكِ ... ألف الحمد لله على سلامتكِ ... و الف الحمد لله على شجاعتكِ و صبركِ ... جازاكِ الله خير الجزاء ووفقكِ دوماً لكل خير ... أنتِ ومن تحبين ...

الحياة الطيبة يقول...

قطرة وفا لا داعي للأسف فأنت لم تعلمي بما حدث وشكراً من القلب على مرورك وما سطرت من كلمات ,تحياتي .

... سعد الحربي ... يقول...

الحمد لله على السلامة وما تشوفين أي شر أختي.

موفقة

الحياة الطيبة يقول...

سعد الحربي ,الله يسلمك وشكراً على المرور والمشاركة ,تحياتي.