أتراها دار يطول أو يدوم نعيمها ؟
حياتنا بكل ما فيها من مباهج ومهما تزينت لا تزيد عن كونها محطات ,محطة تلو الأخرى وفي كل محطة ينزل قريب أوصديق تاركين وراءهم كل المتاع .....كله ,ماأخذ أحد منهم شيء رغم كل ما يملكون ,منهم من يحصل على فرصة لإعادة حساباته وإصلاح بعض من أمورة بتوفيق من الله ,يمرض وتكون في المرض فرصة ليكون جاهز للرحيل (كل أمورنا خير .حتى المرض نعمة ) البعض الآخر يرحل فجأة لا يملك وقت حتى ليوصي بكلمة لذا يحرص الإنسان المسلم على كتابة وصيته في حال إن كان عليه دين حفاظا لحقوق الغير أو ليوصي بجزء من ماله لأعمال الخير .
الكل لا يعرف موعد المغادرة وهذه نعمة كبيرة ورحمة من رب العالمين .
لذا نجد أن الكيس منهم من كان على استعداد دائم للنزول ,قد حسم أموره ,لم يكدس في هذه الدار ما يعجز عن حمله عند المغادرة ,يدرك أن ما لا يسمح له بحمله وأخذه لا يلزمه ,يعبد الله ...لا يعبد الدنيا ,يجدد نيته كل يوم بأن كل ما يعمله ,يعمله لله ,حرص على عمارة الآخرة ,اجتهد في التقرب من الله بكل الوسائل ,وجد التوفيق والسعادة في مسعاه ,لأن كل ما يعمله يعمله لله .
وإنسان آخر نجده نسى حتى أنه مغادر ,أو قد يكون أجل النظر في هذه المسألة وانشغل بتعمير داره المؤقته ,سيطرت عليه أشغاله وانشغاله ....حتى وجد نفسه وهو في قمة غفلته أمام محطة نزوله ,لم يكن مستعد للرحيل ,وأصبح لزاما عليه أن يرحل ,لكثرة انشغاله لم يجدد حنى النية في أي يوم من أيام حياته ,حسب أنه غني أو هكذا ظن ,واكتشف عند محطته مدى فقره ,اكتشف أن معظم ما أجهد نفسه في عمله لا يستحق ذلك الجهد أو الوقت ,لم يجمع لنفسه شيء ,قد جمعه لغيره ...قد جمعه لغيره .
أين يذهب مغادروا هذه الدار ؟إنهم ينتقلون إلى دار أكبر وأفضل بإذن الله ,متاعها لا يقارن بما نشاهده في حياتنا الدنيا .
فيها الخلود والبقاء ,لا موت لا مرض لا ألم لا شغب لا كدر ,ورغم علمنا بما وعدنا الله فيها إلا أننا نغتر بدنيانا ,نحبها ,نغفل عن آخرتنا ,نقصر في بعض أعمالنا ,نحزن ,ننفعل ,نتخذ مواقف من أشياء تافهة زهيدة ,إن عاملنا إنسان ما بسوء نغضب لأنفسنا .........ننسى ما عند الله ,ننسى بأن الواجب علينا أن لا نؤذي أنفسنا بالمشاعر السلبية والتي تؤثر على صفاء قلوبنا وتؤثر في همتنا وقوتنا في طلب الآخرة ,ننسى أن الله ناصرنا ,رازقنا ,حافظنا ,ننسى أن قلوبنا بيده وعلينا أن نتجه له لينقيها كلما أثرت فيها مشاعر الحزن ,الغضب أو أي مشاعر سلبية تسلب منا قوتنا ,ننسى أن غيرنا معرض للخطأ مثلنا تماما ,ننسى أن نقابل أي نوع من الإساءة بالعفو والصفح الجميل .
إن فكرت بما عند الله .بما عند محبك فإن أي موقف تمر به مهما كان ألمه لن ينال منك وستكون بإذن الله ممن لا يعتريهم الخوف أو الحزن .
أكثر من الذكر وادعو الله أن يحميك من الغفلة واعمل ليوم تكون فيه من أسعد الناس .......أتدري أن أول بشارة يتلقاها المؤمن عند الموت أن ملك الموت يقرئه السلام من ربه ,حتى في الموت بشارة وسلام ,يسعد العبد بسلام رب العالمين عليه ,جعلنا الله وإياكم ممن يبشرون بهذه البشارة الغالية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق